بعد نحو شهر على التصعيد في الحرب، بدأت بوادر الحركة الديبلوماسية لإطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل، والتي استهلها المبعوث الأميركي اَموس هوكشتاين امس من بيروت حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزيف عون. وعلى غير المتوقع كانت طروح هوكشتاين ملحقات بالقرار 1701 لتطبيقه لا التعديل أو الاضافة على بنوده، بينما كان الموقف الأميركي سابقاً هو 1701+. وغادر هوكشتاين على مبدأ أنه سيتواصل مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لمحاولة انتزاع التزام منه باحترام القرار الدولي، مشيراً إلى أن هدفه انهاء النزاع بين لبنان واسرائيل للأبد.
وأفادت معلومات “لبنان الكبير” بأن طرح هوكشتاين لاقى قبولاً من الرئيس بري، الذي دخل معه في تفاصيل تطبيق القرار 1701.
وقبل زيارة هوكشتاين تحدثت وسائل إعلام غربية عن المطالب الاسرائيلية لوقف الحرب، وكانت أشبه باتفاق 17 أيار مطور، بحيث تطلب اسرائيل منطقة عازلة في جنوب لبنان، وتحتفظ بحق استهداف أي منطقة تعتبر أن هناك ما يهدد أمنها فيها،وكذلك تعطيها الطروح حق استهداف أي شخص تعتبر أنه يشكل خطراً عليها.
بالاضافة إلى ذلك، تتحدث الطروح عن قوة متعددة الجنسيات تشارك فيها اسرائيل تنتشر في جنوب لبنان، وتملك حرية الحركة، لدرجة أن بإمكانها تفتيش المنازل.
هذه الطروح ليست في القرار 1701 ولا في القرار 1559، وهي أشبه بطروح اتفاق 17 أيار عام 1983، بل تبدو أكثر تقدماً منه.
ولكن على الرغم من التسريبات الاعلامية لم يتحدث المبعوث الأميركي بأي نفس يشبهها، بل حتى أنه لم يتطرق إلى القرار 1559، كما تحدثت إدارته، بل وضع فقط القرار 1701 كعنوان للحل، ولكنه طالب بتنفيذ حقيقي، لا أن يكون حبراً على ورق، وهذا ما وافق عليه الرئيس بري، وتحدث بالتفصيل مع هوكشتاين عن آليات التنفيذ.
وتقول مصادر قريبة من الثنائي الشيعي ان الموقف الأميركي، بالمقارنة مع حرب تموز عام 2006، يبدو جيداً، ففي تلك الحرب، كان موقف وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس اسرائيلياً صرفاً، بعكس هوكشتاين الذي بدا وكأنه يحاول إيجاد حل وسط، ووقف إطلاق النار.
ولكن لا تأمل المصادر كثيراً، لأن الموقف الاسرائيلي متشدد جداً، ولا يبدو أن نتنياهو في وارد وقف النار قبل تحقيق أهدافه، ويبدو أنه هو من يؤثر في إدارة جو بايدن وليس العكس، وهذا ما بدا واضحاً منذ بدء الحرب في غزة.
وترى المصادر أن “الجولة الأولى من المفاوضات جيدة نسبياً، ولكن ما زلنا في البداية، وستكون هناك جولات وصولات أخرى، وقد تشتد الأمور قبل الوصول إلى اتفاق حقيقي”.
وتعتبر أن الميدان سيكون حاسماً لجهة سرعة المفاوضات، بل انه “سيحسم لمن ستميل كفة المفاوضات، وإلى الاَن الوضع على الحدود يعتبر جيداً بل جيد جداً، وفي حرب تموز اسرائيل تقدمت أكثر من 12 كيلومترا في الأٍسبوع الأول، بينما اليوم لا زالت في المنطقة الحدودية، ولكن نتنياهو يحاول فرض شروطه بسبب الانجازات الاستخباراتية التي حققها باغتيال قيادات المقاومة، أما الدمار والمجازر فمن ضمن الاستراتيجية الاسرائيلية الدائمة بتأليب الشعب ضد المقاومة، ولكن كل ذلك لا يحسم الحرب، وإن كان يريد الحسم فيحتاج إلى اجتياح بري، وهذا صعب المنال، لا سيما أن كل المؤشرات تدل على أن الحزب خرج من صدمته وبدأ يستعيد زمام المبادرة، وهو يستهدف مناطق في العمق الاسرائيلي، وصلت إلى منزل نتنياهو نفسه”