بالخريطة… تعرفوا على توزيع 14 محافظة سورية
تشهد سوريا تطورات عسكرية متسارعة مع تقدم الفصائل المسلحة نحو مدينة حمص، التي أصبحت على وشك السقوط في أيدي المعارضة بعد سيطرة هذه الفصائل على ريفها الشمالي بالكامل. ويمثل ذلك بداية مرحلة جديدة من التحديات الكبيرة للجيش السوري، الذي فقد السيطرة على مناطق واسعة في شمال غرب ووسط البلاد منذ أواخر تشرين الثاني الفائت.بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته “هيئة تحرير الشام” وفصائل حليفة لها في 27 تشرين الثاني، والتي انطلقت من معقلها في إدلب، تمكنت الفصائل من السيطرة على عدد من المدن والبلدات الاستراتيجية بسرعة غير متوقعة. ففي البداية، سقطت مدينة حلب بشكل كامل، عقب انسحاب الجيش السوري والجماعات الإيرانية المقاتلة معه من المحافظة. بعد ذلك، تحركت الفصائل نحو ريف إدلب ومدينة حماة، لتسيطر على كامل هذه المناطق في وقت قياسي.ورغم محاولات الجيش السوري لاستعادة السيطرة على هذه المناطق، لم تتمكن قواته من تحقيق تقدم ملحوظ، ليصبح الريف والمدينة في أيدي الفصائل المسلحة. وكانت حمص هي النقطة التالية التي استهدفتها الفصائل، حيث نجحت في السيطرة على ريف حمص الشمالي خلال ساعات قليلة، لتصبح المدينة نفسها على مقربة من السقوط. منذ مساء الجمعة، أصبحت الفصائل المسلحة تتمركز على أبواب مدينة حمص، مستعدة للدخول إليها في أي لحظة. وبالرغم من أن الجيش السوري يحاول الدفاع عن المدينة، إلا أن معظم تحركاته بدت خجولة وسط الهجوم المستمر من الفصائل التي تتقدم بسرعة. وتعد حمص بموقعها الاستراتيجي على الحدود بين الساحل السوري ودمشق، نقطة مفصلية في الحروب الحالية، حيث أن سقوطها سيكون بمثابة ضربة كبيرة للجيش السوري، ويمثل تحوّلاً نوعياً في مسار المعارك لصالح الفصائل المسلحة. في وقت متزامن مع تقدم الفصائل في غرب ووسط البلاد، شهد شرق سوريا تطورات مفاجئة. حيث قامت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالسيطرة على مدينة دير الزور بالكامل، بعد انسحاب الجيش السوري وقادة مجموعات موالية لطهران من المدينة بشكل مفاجئ يوم الجمعة. هذا التحول في دير الزور يعني أن معظم المناطق شرق الفرات أصبحت تحت سيطرة “قسد” الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، بما في ذلك الرقة التي كانت تحت سيطرة القوات الكردية منذ سنوات، بينما تقتصر تواجد قوات الجيش السوري على بعض المناطق الأمنية في الحسكة والقامشلي. أما في جنوب سوريا، فقد شهدت المناطق المحيطة بمدينة درعا تطورات دراماتيكية مع سقوط عدة حواجز عسكرية من قبل فصائل مسلحة محلية. وفيما كانت درعا تعد من أبرز معاقل الجيش السوري في الجنوب، أصبحت الآن تحت سيطرة فصائل محلية بعد أن انسحب الجيش السوري بشكل منظم وفق اتفاقات مع الفصائل. وقالت مصادر مطلعة لرويترز إن كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين في درعا تم منحهم ممرًا آمنًا للانتقال إلى دمشق. وفي السويداء، التي كانت تعد من أكثر المناطق استقرارًا في جنوب سوريا، سجل المرصد السوري لحقوق الإنسان حدوث انسحابات للمسؤولين الحكوميين المحليين، بما في ذلك محافظ السويداء، حيث تم إخلاء العديد من المقرات الأمنية والإدارية في المدينة على وقع هجمات متواصلة شنتها الفصائل المسلحة. وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت المعارك في مختلف المناطق عن مقتل أكثر من 800 شخص منذ بداية الهجوم، فيما أعلنت الفصائل المسلحة عن مقتل أكثر من 65 جنديًا وضابطًا من الجيش السوري. وتواصل الفصائل تقدمها الميداني، مدعومة من تركيا في بعض الأحيان، وسط اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري. يعود تصعيد العمليات العسكرية إلى أواخر تشرين الثاني 2023، عندما شنت “هيئة تحرير الشام” هجومًا مفاجئًا انطلق من إدلب باتجاه شمال غربي سوريا. وقد ترافق ذلك مع تراجع حاد في القدرة الدفاعية للجيش السوري في بعض المناطق، وسط تقارير عن خسائر متواصلة في صفوفه. في وقت سابق، كانت العمليات العسكرية تركز على استعادة بعض المناطق الهامة في الشمال والوسط، إلا أن تقدم الفصائل المسلحة أعاد خلط الأوراق العسكرية بشكل مفاجئ. مع استمرار تقدم الفصائل المسلحة، باتت سوريا في مرحلة جديدة من الحرب الأهلية التي تشهد تغييرات جذرية في توزيع القوى على الأرض. في الوقت الذي يواجه فيه النظام السوري تحديات كبيرة في استعادة السيطرة على العديد من المناطق، تبرز الأسئلة حول كيفية تأثير هذه التطورات على مستقبل النظام السوري، خاصة في ظل تصاعد الهجمات ضد الجيش السوري، وعدم قدرة القوى الموالية للأسد على تحقيق نصر واضح. الوضع في سوريا يزداد تعقيدًا، حيث تتنقل الفصائل المسلحة من مدينة إلى أخرى في تقدم ميداني سريع، بينما يحاول الجيش السوري الحفاظ على مواقعه الاستراتيجية. مع السيطرة المحتملة على حمص، يقترب فصائل المعارضة من استكمال خطتهم التي تشمل المدن الرئيسية في البلاد، مما قد يغير تمامًا خريطة السيطرة العسكرية في سوريا في الأشهر القادمة.