اخبار العالم

سوريا تعمل بجديّة وتستعدّ لافتتاح مطار دمشق فيما بعض اللبنانيين “يموعون” بقلّة فهم كبير…

ينام اللبنانيون ويستيقظون منذ يوم الأحد الفائت على فريقَيْن محلّيَيْن يضيّعان وقت الناس، ويدمّرون ما تبقّى من هذا البلد.

العودة الى وطنهم

فبين فريق لا يزال مستمرّاً أو مستعدّاً للاستمرار بمشروع حرب ما عاد هو يفهم ما هي، من جهة، وبين آخر يوزّع التهاني يميناً ويساراً، من جهة أخرى، بعد سقوط نظام آل الأسد في سوريا، تبرز خشية صريحة من أن تسبق سوريا لبنان في مجالات تصحيح أوضاعها، وفي الانتظام بالرّكب العالمي الاقتصادي والأمني، وفي بناء دولة قادرة بكل ما للكلمة من معنى، في وقت يتلهّى فيه اللبنانيون بكل ما لا نفع منه.

فعلى سبيل المثال، ليست عادية أبداً الدعوة التي وجّهتها حكومة تصريف الأعمال السورية للسوريين في الخارج، من أجل العودة الى وطنهم، لكونها تدلّ على إصرار قوي في العمل على إحداث تغيير كبير في سوريا.

مشروع الحرب

“وليس أمراً عادياً أبداً، أن يتمّ الإعلان عن استعدادات يجري العمل عليها الآن، أي بعد ثلاثة أيام فقط من سقوط النظام السابق، لإعادة افتتاح مطار دمشق الدولي في 18 الجاري.

كما ليس كلاماً عادياً أبداً، أن يقول قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع إن سوريا ليست جاهزة، وما عادت تنوي الدخول في حروب أخرى. فهذا الكلام هو إخراج علني وصريح لسوريا من “مشروع الحرب” المُمَانِع الذي كانت عموداً أساسياً فيه على مدى عقود وعقود، وهو ما يُنذر بتغيير سوري كبير سيحمل حتماً الكثير من الإيجابيات للدولة السورية مستقبلاً.

مياعة

“وأمام الجدية السورية والوضوح السوري السابق ذكرهما، “مياعة” لبنانية على مختلف المستويات في البلد، وهو ما يهدّد بمستقبل ظلامي حالك. وبالتالي، لا بدّ من حذر لبناني كبير من إمكانية أن تنهض سوريا قبل لبنان، بموازاة جمود وتقهقر لبناني سيتصاعد ويرتدّ علينا كلبنانيين بكثير من السلبية في المستقبل، نظراً للترابُط العميق الموجود بين لبنان وسوريا.

الداخل…

شدّد الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة على أن “العمل بات في يد الداخل اللبناني الآن. فسوريا تركّز نفسها لتنهض عمّا قريب، والأمور لا تزال في بداياتها على هذا الصعيد، ولكن الأمل بالنجاح يبدو كبيراً حتى الساعة. وربما نكون أمام فرصة للتغيير الآن على مستوى المنطقة ولبنان طبعاً، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، ورغم كل الخسائر الكبيرة”.

وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “مهما حاول البعض إظهار العكس، إلا أن اقتصادنا نحن في لبنان مرتبط بسوريا كثيراً، ولا يمكننا أن نكون ضمن جزيرة اقتصادية لبنانية خاصّة. وبما أن سوريا تتغيّر الآن، بات بالإمكان انتظار شيء إيجابي للمنطقة عموماً، وللبلدَيْن معاً أيضاً. ولكن في كل الأحوال، ومهما كانت المتغيّرات، يتوجب على اللبنانيين أن يبنوا لبنان بأنفسهم”.مستقبل لبنان

مستقبل لبنان

وشرح حبيقة:”يعمل السوريون حالياً في مطار دمشق الدولي من أجل إعادة افتتاحه في 18 الجاري كما يُحكى. وبالتالي، إذا باشر مطار دمشق عمله بشكل واسع وكبير، وبأمان، فهذا يحتّم على اللبنانيين أن يوقفوا كل “التخبيصات” التي كانوا يقومون بها في مطار بيروت. هذا الى جانب أن افتتاح مطار دمشق قد يؤثّر إيجابياً في تخفيض أسعار تذاكر الطيران، ولو بنسبة معيّنة، وهو ما سيتطلّب منّا مجهوداً نحن في لبنان أيضاً، لتخفيض تذاكر السفر، من أجل البقاء على مستوى المنافسة”.

وأضاف:”احتمال النجاح في إعادة افتتاح مطار دمشق الدولي قريباً سيشكل منافسة لمطار بيروت، سواء قبلنا بذلك أم رفضناه. فحتى اللبناني الذي يريد زيارة لبنان، إذا وجد أن سعر القدوم عبر مطار دمشق ووسيلة نقل برية من سوريا الى لبنان، هي أرخص من كلفة الهبوط المباشر في مطار بيروت، فإنه سيختار الخيار الأول طبعاً. وهنا نتحدّث عن المطار كمثال، لنؤكد أنه يتوجب على اللبنانيين أن ينتبهوا للبنان، ولتصرّفاتهم السياسية، ولوجوب أن يُسرعوا في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ولمدى تقاعُسهم عن أي عمل جدّي وفعّال. وهذا يجعلنا نخاف على مستقبل لبنان وسط هذا التلهّي الكبير”.

الجديّة السورية…

وأكد حبيقة أن “الحكم يكون على التصرّفات وليس على الأقوال طبعاً. ولكن يبدو أن الحكم السوري الجديد سيكون إيجابياً، وسيقبل الجميع. فما نراه الآن يوحي بشيء جديد هناك، وهو ما يعني أن سوريا قد تتقدّم بسرعة وسط حكم قوي وفعّال. وهذا يُضاعف الخوف من إمكانيات التراجع في لبنان، إذا بقيَت الأوضاع فيه على حالها”.

وتابع:”إذا دخلت سوريا اقتصاد السوق بشكل ناجح، فإن اقتصادها سيُقلِع. وهذا يدعو الى تعاون اقتصادي كبير جداً في المستقبل بين لبنان وبينها، لأننا سنكون أمام بلد جار لنا على حدودنا، يعمل بموجب اقتصاد السوق مثلنا، وذلك نظراً لأن لبنان كان دخل اقتصاد السوق قبلها بعقود. وبالتالي، هذا سيفتح الحدود الاقتصادية في ما بيننا، وسيؤمّن فرصة لنموّ في السوقَيْن، ولأن يكبرا، ولتخفيض الأسعار والتضخّم، ولتأمين حياة أفضل للمواطنين في البلدَيْن”.

وختم:”المشكلة اليوم ليست موجودة في سوريا، بل في لبنان. فنحن وسط تضييع وقت داخلي، فيما سوريا تبني نفسها، وهو ما سيتسبّب بمزيد من التراجع في أوضاعنا الاقتصادية إذا لم نؤهّل أنفسنا لشيء آخر. وهنا نقول إن انتخاب الرئيس هو خطوة أساسية للخروج من “طقّ الحنك” السياسي والاقتصادي المستمرّ الذي يمرّر الفساد من أسفله. فطريقة العمل هذه ما عادت مقبولة ولا بأي شكل من الأشكال، ويبدو أن لا أحد يشعر في لبنان بأهمية الوقت، وذلك على وقع جدية تكبر في سوريا يومياً، على المستويات كافة”.

أنطون الفتى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى