اليونيفيل” تضغط على القضاء لإطلاق سراح “عميل”
ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
لم تكتفِ “اليونيفيل” بمحاولات تحريض الجيش اللبناني على منع المواطنين الجنوبيين من العبور إلى قراهم المحتلة وتحريرها، إنما باتت تجد نفسها مؤهلة بما فيه الكفاية لممارسة ضغوطات على القضاء والأجهزة الأمنية، بما يشمل ابتزازهما بغرض الإفراج عن شخصٍ ألقت الأجهزة القبض عليه متلبساً بتهمة العمالة، وذلك بادعاء أن الموقوف موظف لديها ويتمتع بحصانة!
بدأت القصة حين تمكن مكتب بنت جبيل التابع لمكتب النبطية الإقليمي في المديرية العامة لأمن الدولة بعد رصد وتعقب مستمرين، من توقيف المدعو ع.صادر (مواليد عام 1982 والدته ميراي – متحدر من بلدة عين إبل) وذلك فور عودته من زيارة خاطفة إلى إسرائيل.
إعترف الموقوف في التحقيقات التي أجريت معه في المقر المركزي لأمن الدولة في الرملة البيضاء تحت إشراف القضاء، بأنه يتعاون مع جيش العدو منذ غزو الأخير لجنوب لبنان، وقد ساهم ونفذ مهاماً أمنية عدة طلبت منه أثناء وخلال الإجتياح، وقد أجرى أكثر من لقاء وعملية تواصل مع مشغّليه، أثناء وجودهم في الجنوب أو داخل الأراضي المحتلة. واعترف صادر أمام المحققين بأنه وفي الزيارة الأخيرة له إلى إسرائيل للقاء مشغّليه، سلّمه هؤلاء (يعتقدأنهم من الموساد) جهازاً إلكترونياً شبيهاً بالهاتف المحمول، وطلبوا منه أن يتجول في أماكن حددوها له مسبقاً بعد أن يقوم بتشغيل الجهاز. وبعد الكشف عليه من قبل رجال الأمن، تبيّن أن الجهاز يقوم بعمليات مسح للمنطقة التي يتواجد فيها بشكل أوتوماتيكي. وتشمل عمليات المسح الطرقات والأبنية والمواقع الجغرافية، بطريقة دقيقة ومحترفة، ما يسهّل لمشغّليه بناء الخرائط.
ويحاول المحققون معرفة ما إذا كان العدو قد استهدف مناطق سبق للعميل صادر أن قام بمراقبتها. وقد نال صادر لقاء الخدمات التي قدمها لجيش العدو مبالغ مالية تراوحت بين 500 و 1000 دولار أميركي. وفي أثناء عودته من لقاء مشغّليه داخل إسرائيل، عُثر في حوزته على مبلغ 3000 دولار أميركي، جرى دسّها في سترة سميكة إرتداها فور خروجه من الأراضي المحتلة، وقد وضعت الأموال من الجهة العلوية ناحية الأكتاف، قال صادر إن هذا المبلغ مخصص لشراء بعض الحاجيات التي طلبت منه، كما وعثر في جيبه على مبلغ 500 دولار أميركي، قال العميل صادر للمحققين إن “مشغليه وضعوها في جيبه كمصاريف خاصة”. فيما بعد، أبلغ القضاء بنتيجة التحقيقات مع صادر حيث صدرت إشارة بتسليم الموقوف مع المضبوطات إلى مديرية المخابرات في الجيش للتوسع في التحقيقات. وفي هذا السياق علم “ليبانون ديبايت” أن التحقيقات مع صادر ما زالت جارية، وبات المحققون متأكدين من أنه متورط بنسبة كبيرة.
كل ذلك، لم يمنع “اليونيفيل” من محاولة الضغط على القضاء اللبناني وعلى قضاة وعلى الأجهزة الأمنية بغية الوصول إلى إطلاق سراح صادر، حيث زعمت القوات الدولية أن صادر موظف أممي يعمل لديها بموجب عقد ويتمتع بحصانة القوات الدولية، مدعية أنها الجهة المخوّلة التحقيق معه إن ارتكب مخالفة ما وليس الدولة اللبنانية، داعية الأخيرة لتسليمه على الفور من دون تأخير. وفُهم أن اليونيفيل لوّحت بأنها في صدد متابعة القضية وتقديم شكوى في حق لبنان إن لم يتجاوب مع طلبات تسليم العميل، مع العلم أنه على “اليونيفيل” ومن المستحسن، أن تقدم شكاوى حول الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة على جنوب لبنان والمواطنين اللبنانيين وليس آخرها الغارة التي شُنّت أمس على مدينة النبطية.
على أي حال، لا يبدو أن الجانب اللبناني بوارد التعاون مع مزاعم “اليونيفيل” سيما وأن الموقوف يحتمل ضلوعه في مسح أمني مهم للغاية بالنسبة للعدو، بدليل استئناف مديرية المخابرات إجراء تحقيقاتها مع الموقوف، دون أن يعني ذلك أن القضاء لا يتأثر بالضغوطات عادةً بدليل تجارب عدة قام القضاء خلالها بالإفراج عن عملاء أو تخفيف محكومياتهم.
على أي حال، ثمة مجموعة عملاء باتوا الآن لدى الأجهزة الأمنية ويتم التحقيق معهم بإشراف القضاء المختص. مديرية المخابرات أوقفت لوحدها 4 متورطين بشبهات تواصل مع العدو ما زالت التحقيقات معهم جارية، أهمهم المدعو ح.أيوب الذي أقر بدخوله الأراضي المحتلة ترافقه مسيّرة إسرائيلية وما إن عاد حتى جرى توقيفه. وقال أيوب خلال التحقيقات معه إن مهمته كانت التحريض عبر وسائل التواصل الإجتماعي ضد “حزب الله” بصفته “شيعي”، وقد نال لقاء ذلك مبلغاً قدر بـ2000 دولار أميركي. أيضاً هناك عميل آخر يدعى ع.حسين لوحق مرات عدة في دعاوى نصب واحتيال. ع.حسين الذي أوقف قبل مدة قصيرة في البقاع من قبل مديرية المخابرات، اعترف بتعاونه مع العدو الإسرائيلي الذي طلب منه معلومات ذات طبيعة مالية وأمنية. ولا بد من الإشارة إلى أن شقيق ع.حسين، صدر في حقه قبل فترة حكم بالسجن 5 سنوات لاتصاله بالعدو الإسرائيلي وتعاونه معه، وهو موقوف حالياً في سجن رومية!